تللسقف نت telskuf
نافذة الدخول المستقلة
تللسقف نت telskuf
نافذة الدخول المستقلة
تللسقف نت telskuf
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 القديسة العظيمة فيرونيكا جولياني ج 7

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فريد عبد الاحد منصور
.
.
فريد عبد الاحد منصور


عدد الرسائل : 280
الموقع : Austarlia
جنسيتك : .au (استراليا)Australia
تاريخ التسجيل : 29/07/2009

القديسة العظيمة فيرونيكا جولياني ج 7 Empty
مُساهمةموضوع: القديسة العظيمة فيرونيكا جولياني ج 7   القديسة العظيمة فيرونيكا جولياني ج 7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 5:03 am

القديسة العظيمة فيرونيكا جولياني ج7
القسم الثاني
تعاليمــــــــــــــــــها

مقــــدمـــة

الآن وقد استطاع القارئ الورع / بحسب اعتقادنا ، أن" يلمس لمس اليد" مستوى القداسة الفريدة الذي يلغته هذه القديسة الساروفيمية، وأن يتبين َعَظمة وغنى الكنوز الإلهية المختبئة في طيات سيرتها، وفي" يومياتها" ، فلاشك أنه يوافق الأب "أرياتي" قوله بأننا " فيرونيكا جولياني ، لايمكننا أبداً أن نقف موقف ذوي الروحانية الزائفة الذين يركضون باحثين دوما عن الفائق الطبيعة ، ولاموقف رجل العلم الذي لايمكنه تخطي الأطر التحليلية، بل علينا التحلي بموقف موسى أمام العليقة المشتعلة دون أن تحترق : "أريد أن أقترب لارى هذا المشهد العظيم(خروج 3: 3)... فأن متصوفة شيتا دي كاستيلو الكبوشية هي حالة فريدة من نوعها حتى بين القديسين ". ‘إنها كذلك أولا لأجل تعدد وفرادة اختباراتها الصوفية ! فليس هنالك من ظاهرة روحية أو جسدية من الظواهر المسجلة في سير القديسين ، إلا وأختبرتها ووصفتها ؛ وقد إمتازت بظواهر أخرى غير معروفة إطلاقاً . افليس في دعوتها للمشاركة في عذابات السيد المسيح أو في سر الآلام ، وفي سوى ذلك خروج عن المالوف ؟ فما من احد تالم إلى هذا الحد ، أو شعر بالغبطة بمقدار ماتمتعت به قديستنا.
حقاً نستطيع الآن أن نبدأ نَعِي آفاق عبارة الكاردينال بلاتزيني: " لايزال على رسالة القديسة فيرونيكا أن تبدأ في الكنيسة ؛" رسالة اشار الرب نفسه إليها بما يلي :" ماذا تعتقدين ؟ يجب على الكتابات ان تصل إلى العلم كافة ، لمجدي ولخير النفوس". لذا يؤكد الكاردينال ايضا:" إن رسالة القديسة فيرونيكا هي رسالة نبوية كبيرة ، يبدو كانها حُفظت خصيصا ليومنا هذا : لتصحيح إلتواءات خطرة للذين يجدون السعي في البحث عن مسيحية دون صليب ، والذين يتاقلمون بطيبة خاطر في فيض الخيرات الأستهلاكية التي دعا السيد المسيح الجميع على الاكتفاء بالضروري منها والاقوياء إلى التجرد عنهــا " .

لكنها أيضا ، وفوق كل شيء ، رسالة نبوية بوجه " العقلانية" التي تقود ، عن معرفة أو عن جهل ، إلى تفريغ الأيمان من بُعدَهُ الفائق الطبيعة: فإن العقل يبقى مذهولا ومرتبكا أمام تدفق العنصر الإلهي في الاحداث اليومية التي كانت تحياها القديسة في ظواهر جسديه متكررة ، غير قابلة للنكران ولا التفسير.
إنه الله بذاته من يريد ، منذ ذلك الحين ــفكم بالحري اليوم ــ وبقدرة لا مثيل لها ، إرباك العقلانية من خلال إمرأة ضعيفة ، وإخجالها ، حتى السخرية منها، من خلال الوقائع الثابتة . فمن كان صحيحا أن الإيمان والعقل لا يتضادان ، فمن الصحيح أيضا أن على العقل أن يعارف بمحدوديته ،حانيا راسه أمام الإلهيات .

إن الدستور العقائدي" نور الأمم" يشدد أيضا على أن الله يُظهر للبشر في نور حي حضوره ووجهه من خلال حياة أولئك الذين ، مع كونهم مشاركين في طبيعتنا
البشرية ، قد تم تحولهم بشكل أكثر كمالاً إلى صورة المسيح.
لذا / ونحن نتأمل التعاليم المستقاة من قراءة" اليوميات" ، نشعر بأننا مدفعون لأن نقــول:
كم هو ضروري لنا مثل إيماننا المطاق بالطاعة لله وللكنيسة المقدسة.
فعندما كانت لاتزال معلمة إبتداء ، تعلمت المبتدئات" التعليم المسيحي" ، حتى قبل الروحانية الخاصة بالرهبنة. كانت تكتب بحزم : "أومن بما تؤمن به الكنيسة الرومانية" ؛وبالأخص الطاعة لممثلي الله: رؤوساء ، معرفين ، سلطات كنسية، كانت تدعوها كلها:" أتاائي الله على الارض" وذلك لدرجة أن جرح قلبها ، على سبيل المثال ،كان ينفتح ويلتئم بحسب رغبة الطاعة، وان مشاهد الآلام كانت تتجدد بحسب رغبة الرؤوساء... حتى إن فيرونيكا بلغت درجة الشفاء والموت ـ كمارايناـ بالطاعة. فبالنسبة إليها ، أصبحت الطاعة للمُعَرف :" ختم الأمانة لله ولمريم الكلية القداسة" ، فغدت توقع تحت هذا الأسم: " إبنة الطاعة ".

وكم من الضروري لنا التعمق في تواضعها؛ فرغم قداستها الجلية، كانت تلتجىء إلى شفاعة القديسين ، متوسلة إليهم ؛ متأملة عَدَمَها أمام الله ، كانت تعتبر ذاتها غير أهل للعيش مع اخواتها، فكيف بالحري أن نكون أمُا رئيسة .
كم كان يصعب عليها الكتابة عن ذاتها في " اليوميات" ، وكم كانت تخجل من تلك العلامات الخارجية"ــ أي من" السمات"ــ طالبة من الله إخفاءها : كانت تبحث حقا عن درب التخفي....فالطوبى لها ! كم من العبر لإنسان اليوم المتكبر ، المُحب الأباطيل ،الذي يذهب باحثا عن السلطة ، والشهرة ، والمجد الباطل !!

قالت لها مريم الكلية القداسة في إحدى المرات :" ياإبنتي إعلمي أنه حين أتى الملاك جبرائيل حاملاً لي البشارة من قِبل الله الكلي القدرة ، كنت أنا هائمة في معرفة حقارتي وعدمي ؛ وهذا هو التمرس الذي أعطيك إياه . اعتبري ذاتك دوما أكثر حقارة وعدماً من الجميع كوحل وتراب حقيرين " .
كم هو ضروري لنا حُبها وأمانتها للفقر المقدس ، اللذين كان قد سببا لها عناء كبيراً، وأحدثا سوء فهم مع الاخرين . وعندما كانت تستشف تجاوزات من قِبل اخواتها ، غالبا ما كانت تسترجع تانيبات القديس فرنسيس والقديسة كلارا : فتستعمل الرقة حينا ، والحزم احياناً ، مُؤفقين دوما بألفظة ، وكانت تنتصر....
كانت تعتبر الفقر الشرط الصروري للوصول إلى الحُب ، وقد أضحى مثلـُها توبيخاً حياً للساعين إلى الرفاهية والرخاوة التي يحيا العالم بها في ايامنا هذه حتى في مابين المُكرسين والرهبان أحيانا كثيرة.
كم هو ضروري لنا تعبــدها وتقواها :
+ للثالوث الأقدس: منذ طفولتها ، كما قد راينا ، حتى إنها استحقت عن جدارة أن تدعوها مريم الكلية القداسة :"إبنة الاب وعروسة الابن وتلميذة الروح القدس".
كتبت القديسة :"لدى مزاولتي السجود للثالوث الاقدس، ان تثبيت نفسي كإبنة ،
عروسة وتلميذة الاقانيم الإلهية الثلاثــة" .
+للقربان الأقدس : "إختراع الحُب الكبير" ، كما كانت تدعوه ؛ ولطالما كانت تلتجىء إليه طالبة النِعَم الكثر صعوبة ، وقد حصلت على إذن اقتباله كل يوم ، وكم من المرات إقتبلته على أيدي الملائكة.أو مريم الكلية القداسة.... بات لزاماً علينا أن نقرا : اليوميات" لندرك مدى قلة احترامنا للقديسات وكيفية تقربنا منها وقلة إيماننا بالحضور الحقيقي والفاعل لله في هذا السر العظيم ، حتى ملامسة حدود هَتك الاقداس....
كم كان مهما لديها طريقة إقتباله ، فكل الثمار الروحية تتعلق بذلك ؛ لذا كانت تقول :" في كل مرة نقتبله في سر القربان الاقدس ، يعود الله ويولد من جديد في الانفس البارة التي تخدمه من قلبها ، وتتقبله بطهارة" يكفينا أن نذكر بانها كانت تـُختطف مُتحدة بالله بعد كل مناولة تقريبا.
+وما القول حول صلاتها ؟ كان هاجسها الاساسي تحسين الصلاة وتعميقها ؛ يكفي أن نذكر كيف رأت ، في إحدى الليالي ، الرب جالساً قربها في الخورس ، مصلياً مع الجماعة فرض نصف الليل : كانت تراه هي وحدها ؛ لقد قدم الرب يسوع هذه الصلاة تعويضا عن النقائص والهفوات التي كانت القديسة قد إرتكبتها في الصلوات الطقسية.. يالها من مرآة نتمرى بها فتساعدها على العودة إلى تقديم المديح والعبادة لله كما يليق به حقاً .
يطول بنا الأمر كثيراً لو تابعنا ؛ يتوجب علينا أن نقرأ يومياتها للحصول على فكرة ولو ضئيلة حول محبتها وكافة فضائلها. سنتوقف في هذا القسم الثاني عند أربع نواحِ من تعليمها بدت لنا ، سوية مع مجابهتها للعقلانية ، الاكثر ضرورة واهمية في واقعنا اليوم. وقد قسمناها إلى أربعة فصول :



1- حًب الله اللامتناهي والذي لايمكن وصفه .
2- الواقع المخيف لجهنم وللأرواح المتمردة .
3- علم التكفير .
4- دور العذراء مريم الكلية للقداسة الذي لايُستغنى عنه .


الفصـــل الأول
حُـب الله اللامتناهـــي والذي لايمـكن وصفه

الله محبة (1يو4: . إنها الحقيقة الأكثر حقيقة (بمعنى الأكثر بديهية)، والاجمل ، والأكثر بعثاً على الطمأنينة . إنها اساس البناء الروحي والايماني المسيحي بأكمله ، لابل للبشرية باسرها . الله محبة!
الله صالح : "لاصالح إلا الله" (لو 18: 19) لقد خلق كل شيء بحب ، ولأجل الحب،"لأنك تحب جميع الأكوان ولاتمقت شيئاً مما صنعت (الحكمة11: 25)؛ إنه موضوع الرسالة البابوية الأولى للأب الأقدس بند كتس السادس عشر :"الله محبة".
إن نظرة حقيقية إلى الله ــ خصوصا بعد مجيْ السيد المسيح ، الكلمة المتجسد ، الإله والانسان الحق ، المولود طفلاً والمائت لأجلنا ، غافراً لنا ومبرراً إياناً على الصليب ــ لايمكن أن يتخللها أدنى ريبة في كون تاريخ البشرية بأكملة ، هو المحبة بذاتها ، وهو أبي الذي يسهر عليّ ويحول كل الامور إلى مايؤول لخيري ، إن كنت أؤمن به ، بكلمته ، وألجأ إليه ، واضع ثقتي فيه ، وإن كنت أدعوه للقيام بذلك .
لايمكن دخول الملكوت دون نظرة الأطفال هذه الواثقة بالله : "إن لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السماوات" (متى18: 3) والحقيقة أن ذلك الملكوت هو الحب بالذات ، هو النور بالذات ، هو السلام بالذات.
هذا مانتعلمه من حياة القديسة فيرونيكا . فهي بأستلامها ووعيها العميق لصغرها ، بل لصغر كل خليقة أمام" كل " الخالق ، قد أعطيت" أن تسبح في الله" وأن
"تذوب في الله" في الحُب ، حتى إنها ختمت حياتها الطوباوية بهذه الكلمات التي ذكرها " المحبة كشفت عن ذاتها هذا هو سر تألمي! قولوا ذلك للجميع ! قولوا ذلك للجميع !
نَعَــم لايتـــــم فهـم الألــم والقبول به إلا عن طريق الحُـــــب.
لمــــاذا ؟
لأن الله قدوس ؛ والحياة الأبدية هي الاتحاد بالله ،ب"القدوس "، بالقداسة عينها . بيد أنه لن نستطيع الاتحاد به إن كنا مازلنا ملطخين. هوذا سر تحمل الألم ، الذي يطهرنا ليجعلنا نتحد بالله ، كي نذوب ونفرح به إلى الأبد ، بل بدءاَ من هذه اللحظات ، بمقدار قبولنا وتحملنا هذا التطهر الذي استوجبته الخطيئة .
بهذه النظرة المتواضعة والصائبة ، نفهم أن حكم الله على الإنسان الأول ، بعد الخطيئة الاصلية ن لاينظر إليه كعقاب ، بل كعلاج : إنه الدرب الذي لامفر منه للتطهر من اوزار الخطيئة الهائلة.
هذه النظرة : التطهيرية" بواسطة الألم ، تقدم خير تفسير لواقع المطهر فالقديسة فيرونيكا تـُخبر بأن النفوس تسرع مسرورة إلى مطهرها، رغم ماستلقاه من العذابات ، كي تتطهر وتتمكن من التمتع بعناق إله جميل للغاية ، نقي للغاية، قدوس للغاية، وتتصرف الأنفس المطهرية على هذا النحو لأنها قد عاينت، خلال الدينونة الخاصة بعد الموت فوراً، حقيقة هذا الإله الصالح ، الرحوم المهان بكثرة خطاياها ، كما عاينت أيضا ، وبوضوح ، هول الخطيئة اليت تلطخ النفس ، مانعة إياها من الاقتراب من" القدوس" ، ولهذا تسرع إلى العلاج .

هذا ماتكشفه لنا القديسة فيرونيكا بما خبرته في حياتها . فطوبى لنا إن آمنا ولو لم نعاين: " طوبى للذين آمنوا ولم يعاينوا"(يوحنا 20: 29).
أما النظرة إلى جهنم ، فتنبثق من المنطق نفسه ، فجنهم ليست عقابا ، بل نتيجة حتمية للذين يرفضون هذه المحية ، الذين لايؤمنون، الذين لايقبلون أن يتم تطهيرهم ، الذين لايبتغون " النظام" الذي وضعه الله للحياة الابدية ، من خلال وصاياه وشرائعه التي هي شرائع حياة، شرائع محبة ، وبمخالفة الشرائع ، نفقد الحياة لموننا نرفض قبول شرائع الفردوس.
فالله بمحبته اللامتناهية ، لايلزم الإنسان الذي خلقه حُراً( لكونه على صورته ومثاله). ومن ناحية اخرى، لايلاشيه من الوجود ،لأن الحياة هِبـة ، و"مواهب الله ودعوته هي بلا ندامة" (روما11: 29) ، ولكن بكشفه الحقيقة للإنسان ، إنما يدعوه إلى اختيار الحياة:" لقد وضعت أمامك الحياة والموت ؛ أختر الحياة"(تث 30: 19) ؛ وفي خضم هذه الحقيقة ، يُظهر له ايضا جهنم، لا لتهديده ، بل ليجعله يَعي نتيجة أختياره ، نتيجة عصيانه لكي يساعده على رفض الخطيئة، لكي يحثه على الجهاد لما فيه خيره وخلاص نفسه.... فالله إذاً ، يُظهر جهنم للإنسان بدافع الحب والرحمة والعدل ، لئلا يلوم الانسان الله يوميا.
مُتهما إياه بعدم إعلانه بذلك ، وبكونه أبقاه في الحيرة ، دون نور الحقيقة كاملة.
هذا هو الدور الفائق الاهمية للقديسة فيرونيكا ! مساهمتها في " إنتصار المحبة". نَعضم ! الله مَحبَة ، وفردوسه رائع ، لكن جهنم مُعَدة في الوقت نفسه لِمَن لايُؤمن بالفردوس ، لـِمَن لايفتكر فيه ولايرغب ولا يريد التضحية ببعض الأباطيل ليستحقه ، ولِمَن يرفض هذه المحبة التي هي أيضاً نظام ، وطاعة:" مَن أحبني حفظ وصاياي"(يو 14: 23). " مَن لايحبني لايحفظ وصاياي ؛ والكلمة التي تسمعونها ليست لي ، بل للآب الذي أرسلني"(يو 14: 24).
الشيطان وطبيعتنا المتكبرة يريدان أن نرى الأمور وعكـس حقيقتها .
لمــــاذا ؟
أما الشيطان فلكونه "أبا الكذب"(يو8: 44)، وهو يكرهنا ، ويريد أن يجعلنا نعتقد بأن الله ليس مَحَبة لأنه خلق جهنم ،وأسوأ ما في كذبة ، أنه يريد خداعنا بان الله غير صادق ، وجهنم غير موجودة.
أما طبيعتنا البشرية ، فهي تحذو حذو الشيطان لكونها مُتكبلا، مُتـَغطرسة ، فوضوية ، تبحث عن حرية كاذبة لاتبتغي الخضوع لنواميس الله .. كما لكونها ايضا مجروحة ، ضعيفة ، لاتريد التخلي عما يطيب لها من ملذات" ، وافراح، وما شاكلها.
لاشك أن الله خلق الإنسان ليكون سعيداً، لذا هو يبحث عن السعادة تلقائياً. غير أننا ، من خلال تأملنا لكتابات القديسة ، ونحن منذهلون أمام " هذا الإله المالك، المُسيطر، الفاعل، بحر الحُب اللامتناهي ، النور اللامتناهي، السلام اللامتناهي..سوف نبدأ ندرك بان مانعتبره" أفراحاً وملذات "، هو أقل شاناً وأهمية مما كان يبدو عليهِ، بل أكثر من ذلك ، سوف نَعِي خطورة السـُم الذي يَدُسَهُ لنا الشيطان فيما ، تماما كما في ثمرة جنة عدن التي بدت " جميلة وشهية"( تكوين 2: 6). عند ذلك ، سنقتنع أكثر ببطلان هذا العالم الزائل، وسنبدأ نردد مع القديس فرنسيس" عظيم مقدار الخير الذي ينتظرني، حتى إن كل عناء هو لَذة لي" .

كم صحيحة هذه الكلمات ! وكم عاشتها قديستنا بحــذافيرهـا !

فالقديسة فيرونيكا أيضاً، بفيض من معرفة الله ونروهُ ومحبته ، كانت تبكي كالقديس فرنسيس لكون " المحبة غير محبوبة". كانت ترغب في أن تجوب العالم بأسرهُ صارخة بأن الله محبة، إله خالق، فادِ ، لايستطيع بطبيعته سوى العطاء والمحبة حتى الجنون ، جنون الصليب، الذي لامسته القديسة فيرونيكا وأجادت في وصفه. إنها تدعونا بطل قوة إلى التوبة والأرتداد عن الخطيئة لكي نستطيع تذوق تلك النِعَم : " توبوا فإن ملكوت الله قريب ! "(متى 3: 2).

إيصالاً لهذه الصرخة القلبية سنورد بعض المقاطع من " إنشودة الحُب الرائعة المنتقاة من يوميات قديستنا،"مختارة المختارين ".
+"...بقدر ماأن هاوية عدمي عميقة ، بقدر ماارتاح في التامل بالأوصاف الإلهية . وأتوقف عند الرحمة ،فأرى، كما في مرآة. بأية محبة أحبني الله ولايزال يَحبُني. رجائي في هذا الحـُب...." .

+" لقد اختبرتُ الحُب . نفسي منغمسة في رحابة هذا البحر؛ يحول الحُب نفسي إلى الحب نفسه. نفسي في الله. الله في نفسي. يتكلم الله بصوت الصمت ، وتجيب النفس، لكن جوابها هو صدى لصوت الله الذي يَحُب ذاته فيها. نفسي، بالحُب ، تبدو وكأنها تعرف الله في ذات الله، وتشاطرهُ سعادتهُ الأبدية, الله يجذبها نحوَهُ بفعل إنجذابات ، وإندفاعات ، وأنخطافات ، هي من ثمار الحُب. ‘ن معرفة الله الجديدة تنتج تحولاً جديداً في الله" .

+"أيا أبا حياتي ، عروس نفسي، قلب قلبي، عد إلى قلبي! أيتها النجوم التي تستطعين أمامهُ ، قولي له بأني أذوب من الحُب ...." .
يتميع الله بتلهب القديسة فيعود ويُعزيها:" أنا الحُب بشخصهُ؛ إنني أحبُكِ وأحملكِ في قلبي . قلبي هو حياة قلبك. أنت عروسة قلبي! فيسألها :" هذا القلب الذي أراه في صدرك، لِمن هو ؟" لك يا رب". " إذا سوف آخذه". فيضعه على قلب مريم الحاضرة ؛ ثم يَعُود ويضعه من جديد على صدره." والآن، أي هو قلبي ؟" تسأل القديسة. فيجيبها يسوع:" قلبك هو أنا ... لقد حوَلتـُكِ لذاتي ؛ لقد أصبحت أنا كم مرة كانت تصل إلى الاتحاد بالله : تكلمت أولاً عن الاتحاد الوثيق جداً(Unione strettissima) حيث تشع النفس خلاله بأنها مُنجذبة كما الحديد من المغناطيس؛
"موثوقة"بعذوبة، تـَمخر في بحر محبة الله. بعد ذلك ، أضافت اختبار شعورها"مُتحولة إلى واحد معهُ(uniformata ) ،" مُحَولة" في الله. وفي المرحلة الاخيرة، عندما كانت تنال لدى كل مناولة" نِعمَة الثلاث نِعَم"، وصلت إلى ذروة التذوق لاتحاد الطوباويين في السماء: ‘نها لحظة" الأتصالات الحميمة"
(comunicazione intime ) التي تمر بين الله والنفس ، فهي إذا لاتوصف؛" لايمكن وصفها" كانت تؤكد، لكنها كانت تنجح في أن تنقل للمُعَرف النتائج التي تتركها في شخصها بأكمله:
"...في غضون لحظة، بدا لي أني أشعر بأن الحُب الإلهي يتغلغل في كل نفسي، فتضحي كيانا واحداً مع الحب الإلهي ... لم أكن أدري إن كنت في السماء أم على الارض؛ كنت في حالة مَعرفة كبيرة لذاتي، فبدا لي أنني أحقر دودة على وجه الارض... كنت أرى أنني عدم، وقد عزز هذا الشعور لدي إدراكي بأنني ناكرة لجميل الله....إله خير للغاية، رحوم للغاية، يُهان جداً من قِبَل خليقة عاقة مثلي !.....
كنت مشدوهة بالله... أعاين الصفات الإلهية. الله أضحى ذاكرتي، الله اضحى عقلي، الله أضحى إرادتي؛ كل الله في النفس ،وكل النفس في الله. ماأختبرته في تلك اللحظات لايمكن التحدث عنه.. كانت نفسي تغدو متجردة دوما أكثر من كل ماليس هو الله..كان يبدو لي وكأني في أتون.
+"إن الطبيعة البشرية تتحمل عذاباً كبيراً جداً في " أعمال" الحب الإلهي هذه...تريد أن تتذمر .. لكنها بقيت صامتة، وكان الروح يصرخ بشدة: ياحُب! ياحُب!أيها الحُب الذي لاتكاد تدركك المخلوقات، ولاحتى قلبي الحزين !أعدك بأنه لن يكون الأمر كذلك فيما بعد، لأنني أبتغيك أنت وحدك، ومعك أبقى....."

+"....أختبرت النفس حينئذ في ذاتها بعض : أعمال" الحُب الإلهي.. فبدا بأنني ألاحظ في الله عظمة محبته اللامتناهية، تلك التي كانت تـُعتلَن لهذه النفس؛ وهي ،
من خلال هذه الاتصالات الحميمة بين الله والنفس، كانت تبقى مُتحدة بأكملها بالخير الأعظم...كانت بأكملها،في كل شيء، محولة إلى إله حبّها... والحب عينه كان يفعل فيها ولأجلها، هي المنغمسة بكليتها في الله الذي كان يمنح ذاته بكليتها لها.. يعجز الكلام عن شرح هذه الأمور.. أقول فقط إن النفس تبقى ماخوذة في الله لدرجة أنها، لدى عودتها إلى حواسها، يبدو لها كل شيء جديداً ! آه ، كم تتألم لرؤية نفسها مسجونة في الجسد المائت! إذاك، يبقى في داخلها شعور بالأشمئزاز من كل الأمور الأرضية...".
+"...بينما كانت نفسي تسبح بكليتها في بحر الألوهة اللامتناهي، ترأى لي يسوع: في الشكل عينه الذي خرج به إلى النور ليفتدينا نحن الخطاة... فتـم لي حينها أمر لا يسهل إدراكه: بدا لي وكأنه بدلني بأخرى؛ وبدا لي أن الله، في تلك اللحظات بالذات، قد وضعني في ذاته وملأ قلبي ونفسي بكليتهما بالحب. كنت أشعر بأندفاعات تنزع نفسي من نفسي، وكنت أشعر في الوقت عينه بأنني مُتحدة كلِياً بالخير الأعظم..".

أيها القارىء العزيز، إن اليوميات مليئة بهذه التعابير السامية. إن بلوغ خير عظيم كهذا يستحق القليل من التقشف والحرمان والتجرد.. وإذا كان الاقتداء بالقديسة غير مستطاع في امور عديدة فليت هذه التأملات تساعدنا، بعونه تعالى، على أن نتواضع بعمق ، مُدركين المستويات التي يدعو الله إليها الإنسان المخلوق على صورته ومثاله ، وكيف أننا لانزال بالمقابل،"نتجرجر" في وحل الملذات الكاذبة التي يُقدمه لنا العالم ، وسيد هذا العالم، الشيطان. فيكون هذا التواضع بمثابة الخطوة الأولى... والله بمحبته ، سيساعدنا على القيام بخطوات أخرى...

"لاللحواس، لالبشريتي بعد اليوم؛ الله وحده : هذا ماأريد أن أحبه.
تعالـَي جميعاً أيتها الخلائق الفاقدة الوعي، تـَعَالـَي أحبني الخير الأعظم؛ تعالوا أيها الخطأة، توبوا إلى الله. إنه الحب الاقصى ورحمته لانهاية لها: أعدلوا عن إهانته، عودوا إلى الله. إنه كله حُب ؛ سيمنحكم حُبَهُ عينه لكيما تحبوه. أترون !كما يفعل معي هكذا سيفعل معكم أيضا ؛ تعالوا جميعــا!" .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
القديسة العظيمة فيرونيكا جولياني ج 7
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
تللسقف نت telskuf  :: كتابات وخواطر روحانية مسيحية :: الثقافة المسيحية-
انتقل الى: